تقويم _للعلم فقط لا يوجد في قواميس اللغة العربية كلمة تقييم بل تقويم_ لثورة التعليم العالي (التي تبناها نظام الانقاذ) من وجهة نظر خبراء التربية في السودان
هذا الموضوع من بحث (للأمانة العلمية هذا البحث غير منشور لكن هذا البحث قدمه الباحث في كلية التربية جامعة عين شمس وهي أول كلية للتربية في الوطن العربي ) للخبير التربوي د.علي محمد حسن عثمان التوم .. أستاذ أصول التربية المشارك بكلية التربية - جامعة أمدرمان الاسلامية وعدد من الجامعات السودانية .. وفيه مقال لأحد الذين كانو مشاركين ومؤيدين لها .
.....................................................
سلبيات ثورة التعليم العالي
1- أولى هذه السلبيات أن الثورة نفسها اعلنت بعد أن شهد التعليم العالي مذبحة عظيمة وذلك بإحالة عدد كبير من أعضاء هيئة التدريس للصالح العام , حتى بلغت نسبة الفاقد في أعضاء هيئة التدريس من جراء المذبحة بالإضافة الى ترك العمل بالجامعات لسبب أو لآخر 45% من أعضاء هيئة التدريس العاملين بمؤسسات التعليم العالي وهي الجامعات الخمس وهي أمدرمان –الخرطوم-السودان-الجزيرة –جوبا
في ظل هذ المذبحة أعلنت الثورة التعليمية , وتضاعف عدد الطلاب وهذا انعكس على الجامعات بصورة مزعجة ففي بعض الكليات مثل كلية التربية مثلاً بلغ نسبة عضو هيئة التدريس للطلاب (230:1) طالب والهندسة ( 152:1) والطب ( 111:1) وفي المتوسط (60:1) للتربية و ( 25:1) للطب و ( 82:1) للهندسة علماً بأن المستوى العالمي (16:1 ) في الكليات التطبيقية ( 25:1) في الكليات النظرية .
ولم كان لابد للجامعات من سد هذ النقص وتجاوز هذه المشكلة لذا استعانت بغير المؤهلين للتدريس بالجامعات واستعانت بغير ذوي الخبرة في ادارة الجامعات وكلياتها وأقسامها العملية.
وهذا معروف ومثبت , بل ان صورة التردي بلغت برجل من قام وتحمس للثورة التعليمية أن يكتب مقالا في الصحف بعد اقالته من منصبه كمدير لجامعة الخرطوم يقول فيه (( أصبح ماثلاً للعيان ان ما قصد به تفجير ثورة التعليم العالي لا يعدو أن يكون مجرد محاولة هدم لا تبقي ولا تذر من موروثات هذه الأمة من جامعات ومعاهد عليا كان يشهد لها بالتميز والتفرد)) وقال في موضع آخر من المقال عن هجرة الاساتذة والنقص في أعضاء هيئة التدريس بجامعة الخرطوم ((اذا استمرت هجرة الاساتذة على هذا المنوال
فاننا سنجد أنفسنا في وضع لا يمكن تلافي وسنضطر لان نستعين بطلبة السنوات النهائية في الجامعة لتدريس إخوانهم بالسنوات الاولى)) وأضاف في موضع ثالث من المقال(( أفرغت الجامعة من مضمونها فانعدم الكتاب الجامعي وأهملت المعامل وشحت الامكانات وتلاشت الكيماويات وأصبحت الدراسة نظرية في الكليات التطبيقية فطلاب المرحلة الموحدة لم يدرسوا ولا درساً واحداً عملياً في علم التشريح ووظائف الأعضاء , وفي الكيمياء الحيوية لم يروا الجسم البشري في المشرحة ليتدربوا عليه . ان نسبة الأساتذة للطلاب في علم وظائف الأعضاء بلغت.(240:1)
هذه المقتطفات هي للد. مأمون حميدة , ماذا يحدث في التعليم العالي , صحيفة الانقاذ , 1994\3\21م , الخرطوم.
• أيضاً من مبررات الثورة التعليمية الأخذ بفكرة كليات المجتمع في الأقاليم وتشجيع قيام الجامعات القومية بالأقاليم مع اختيار النمط التخصصي الملائم . واذا نظرنا الى الواقع فعلاً نجد ان معظم الجامعات التي تم ترفيعها في العاصمة كما ان الكليات الجديدة التي انشئت وتمت اضافتها للجامعات كررت نمط الكليات السابقة فلم تراعي تكامل التخصصات وأصبحت نمطاً مكرراً مثل ازدواجية مقيتة في التعليم الجامعي جعل من الجامعات الجديدة عبئاً ثقيلاً على الجامعات القديمة قاسمتها في امكاناتها البشرية الضعيفة أصلاً مما اثر على مستوى مخرجاتها جميعاً فأصبحت كليات الطب (25) كلية , والهندسة (25) كلية , والزراعة أكثر من (10) كليات والتربية (19) كلية { كل هذا في الجامعات الحكومية فقط } .
وكل ما تم من توسع تم في ظل إمكانات ضعيفة هي نفس إمكانات الجامعات الخمس القائمة يومها بل أن ميزانيات التعليم العالي تناقصت في فترة عنفوان الثورة التعليمية , فنصيب التعليم من الدخل القومي كان عام 89, 90(4%) وأصبح عام 94, 95(1%) .
ونختم حديثنا عن ثورة التعليم العالي بجزء من تقرير اللجنة التي كونتها الحكومة ممثلة في وزير التعليم العالي د. عبدالوهاب عبدالرحيم الذي خلف د. إبراهيم أحمد عمر في هذه الوزارة وكون لجنة لتقييم ثورة التعليم العالي برئاسة د.مدثر التنقاري , أحد مدراء جامعة الخرطوم سابقاً وواحداً من الذين تثق فيهم حكومة الانقاذ يقول تقرير هذه اللجنة عن تعيين أعضاء هيئة التدريس بالجامعات ( أما في الجامعات وفي الوظائف الاكاديمية خصوصاً فلم تراع فيه قيود ولا ضوابط وتم منح الألقاب والمراتب العلمية بلا حدود وان الصورة التي وقفنا عليها جد قاتمة فهنالك من تم تعيينهم كأعضاء ومساعدي تدريس دون مراعاة لاستيفاء الحد الادنى للتأهيل المطلوب , وهنالك من منح مرتبة علمية تفوق تأهيله وعطائه وهنالك كثير من حديثي التأهيل بدرجة البكالوريوس والماجستير من اسندت اليهم مهام إدارية على مستوى رئاسة الأقسام وعمادة الكليات , بل ان بعض من من لم تتوفر فيهم الخبرات اللازمة كلفوا على مستوى ادارة الجامعات ومنح درجة الاستاذية بعض ممن لم يحصلوا على درجة الدكتوراه.
وان بعض مؤسسات التعليم العالي التي انشئت لا تملك شيئاً من المقومات فليس بها مكتبات او معامل أو كتب جامعية . وميزانية التنمية توقفت بعد صدور القرارات بإنشاء (18) جامعة جديدة.
والدولة صرفت للجامعات مجتمعة ميزانية قدرها (2.6) مليار فقط من أصل ما تصدق وهي (6.5) مليار علماً بأن المبلغ المصدق به (6.5) أقل كثيرا جداً مما طلبته هذ الجامعات لتسيير اعمالها.
ومن امثلة الاستهانة بأبسط قواعد العمل بالجامعات والمعاهد العليا:
وجود عضو هيئة تدريس واحد فقط بجامعة الفاشر , ويدير كلية التربية بجامعة نيالا عميد بالإنابة يحمل درجة البكالوريوس ويعمل بكية طب الأزهري عضو هيئة تدريس يحمل دبلوم جامعي عين بمرتبة أستاذ مشارك واذا استمر الحال على ماهو عليه من حيث نوعية ومستوى البرامج الاكاديمية القائمة بالجامعات فقد يتعذر استخدام خريجي هذه الجامعات في السنوات القادمة ).(1)
(1):جمهورية السودان , وزارة التعليم العالي والبحث العلمي , مدثر التنقاري وآخرون , أوضاع الجامعات الجديدة , الخرطوم 1996م , ص 10-23 وأيضاً ص 48.